تقدير الله لرزق العبد وأجله وهو جنين
جاء في كتاب "نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد " لعبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع ـ جزاه الله خيراً ـ ( 1 / 16 ـ 17 ) ما يلي :

( باب : تقدير الرب – تبارك وتعالى – رزق العبد وأجله و عمله و شقاوته و سعادته ؛ و هو جنين في بطن أمه .

يذكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوماً ، أو أربعين ليلة بعث إليها ملكاً ، فيقول : يا رب ما رزقه ؟ فيقال له ، فيقول : يا رب ما أجله ؟ فيقال له ، فيقول : يا رب ذكر أو أنثى ؟ فيعلم ، فيقول : يا رب شقي أو سعيد ؟ فيعلم " .

ضعيف ، الضعيفة برقم ( 2322 ) .

فائدة :

قلت – الشيخ الألباني - : و ظاهر الحديث مع ضعف إسناده مخالف لحديث ابن مسعود مرفوعاً : " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ،و يؤمر بأربع كلمات .. " الحديث . متفق عليه ، و هو مخرج في " ظلال الجنة " (175) .

فهذا صريح في أن الملك إنما يرسل بعد الأربعين الثالثة ، و قد يتوهم البعض أن هذا مخالف أيضاً لحديث حذيفة بن أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة ، بعث الله إليها ملكاً فصورها ، و خلق سمعها و بصرها ، و جلدها وعظامها ، ثم قال : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء و يكتب الملك ، ثم يقول : يا رب أجله ؟ .. " الحديث . أخرجه مسلم ( 8 / 45 ) .

فأقول – الشيخ الألباني - : لا مخالفة بينهما لأن بعث الملك فيه إنما هو لأجل تصوير النطفة و تخليقها ، وأما الكتابة فهي فيما بعد بدليل قوله : " ثم قال : يا رب .. " فإن ( ثم ) تفيد التراخي كما هو معلوم ، فيمكن تفسيره بحديث ابن مسعود ، كما أن حديث هذا يضم إليه ما أفاده حديث حذيفة من التصوير والتخليق مما لم يرد له ذكر في حديث ابن مسعود ، وبذلك تجتمع الأحاديث ولا تتعارض .

نعم في رواية عند مسلم والطحاوي في المشكل (3/278) و أحمد (4/7) عن حذيفة بمعنى حديث الترجمة ، و لفظه : " يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة ، فيقول : يا رب أشقي أو سعيد ؟ فيكتبان .. " الحديث .

فهذا بظاهره يشهد للحديث ، لكن لابد من فهمه على ضوء اللفظ الذي قبله وتفسيره به ، و ذلك بأن يقال : إن دخول الملك بعد الأربعين من أجل التصوير والتخليق ، وأما الكتابة فبعد الأطوار الثلاثة كما سبق ، ففي اللفظ اختصار يفهم من اللفظ المتقدم ومن حديث ابن مسعود . والله تعالى أعلم ) اهـ .