مقال: براعة الإمام الألباني في علل الحديث
مقال: براعة الإمام الألباني في علل الحديث، الشيخ د. عاصم القريوتي

يدرك أهل الشأن براعة الإمام الألباني رحمه الله في علل الحديث وأنه من أهل الشأن وفرسانه، وقد أعدّ أخونا الفاضل الدكتور محمد حمدي أبو عبدة رسالته للدكتوراه بعنوان: ((منهج الإمام المجدد المحدث الألباني في تعليل الحديث)) فقسم رسالته إلى ثلاثة فصول، بينها بقوله:

الفصل الأول: عن العلل الناشئة عن عدم الاتصال، وقسمته إلى مبحثين:

تكلمت في الأول منهما عن علل دفع السماع المتوهم وثبوته وبينت فيه أن هناك سماعات لبعض الرواة لم تثبت لهم فقام أهل النقد بنفيها ـ بالرغم من وجود صيغ السماع ـ وهناك سماعات لرواة آخرين نُفِيَتْ عنهم فقام العلماء باستخدام القرائن لإثباتها لهم، ثم بينت أن الشيخ الألباني قد سار على منهج العلماء النقاد في هذه المسائل.

وأما المبحث الثاني: فتناولت فيه العلل الناشئة عن تعارض الوقف مع الرفع وعن تعارض الوصل مع الإرسال، وذكرت أشهر المسائل المتعلقة بهما، وما كان موقف الشيخ الألباني منها، حيث أنه استخدم قرائن الترجيح فيها ولم يخرج عن منهج أهل النقد والتعليل.

وأما الفصل الثاني ـ وكان مهمًا للغاية لشهرته ودقته ـ فكان للحديث عن زيادات الرواة الثقات، وجعلته في ثلاثة مباحث.

تحدثت في الأول منها عن زيادة الثقة واختلاف أهل النقد فيها ثم ذكرت رأي الشيخ الألباني فيها، وعرّجت فيه للحديث عن الشذوذ والنكارة عند الشيخ الألباني، ثم بينت مكانته بين أقسام أهل النقد الذين اختلفوا في هذه الزيادة (رفضًا وقبولًا).

وفي المبحث الثاني تحدثت عن المزيد في متصل الأسانيد وأثبتّ أن الشيخ الألباني كانت له يد فيه حيث نفى ذلك عنه بعض المشتغلين بالحديث من الدكاترة الفضلاء.

وفي المبحث الثالث تناولت موضوع الإدراج وخاصة ما كان منه في الإسناد، وكيف تعامل معه الشيخ الألباني.

وأما الفصل الثالث والأخير فتحدثت فيه عن العلل الناشئة عن (الوهم والخطأ) كالإبدال والتخليط، وأقصد ما كان يقع من الرواة من (تصحيف أو إبدال راوٍ براوٍ أو سلوك جادة أو طروء اختلاط أو رواية بالمعنى)، ثم بينت منهج الشيخ الألباني في هذه المسائل)).

ثم ختم رسالته بنتائج منها:

تميزت طريقة الشيخ في التعليل؛ بالتعليل الموسع ـ طويل النفس ـ مما يُتعب مَنْ لا مِراس له في هذا العلم. وهذا مما يُسجَل للشيخ بأن له مدرسة خاصة في التعليل.

ومن خلال هذه الدراسة ظهر للباحث أن الشيخ قد سار على منهج علماء التعليل من المتقدمين والمتأخرين، وفي هذا رد على من زعم بأن الشيخ الألباني لم يكن سوى جَمّاعًا نقّالًا. فقد جمع ونقل عن المتقدمين والمتأخرين وناقشهم ورجح ـ بالقرائن ـ ما رآه صوابًا.

في كثير من الأحايين، كان عمل الشيخ يقتصر على الترجيح ـ فقط ـ بين أقوال الأئمة السابقين، ولم يكن له عمل سوى الترجيح. دون أن يكون له رأي جديد في المسألة.

توصل الباحث إلى أن ظاهرة استخدام القرائن في تعليلات الشيخ كانت ظاهرة بكثرة فيها.

ظهر للباحث أن كتب الشيخ الألباني المتعلقة بعلم العلل، تستحق بأن تكون مرجعًا مهمًا لطلبة العلم وللباحثين، وهذا يسد الباب في وجه المبتدئين والناقمين على الشيخ.

وأن الشيخ الألباني من العلماء العاملين الذين ينبغي الرجوع إلى كتبهم واعتمادها في التخريج والتحقيق. وذلك لدقة أحكامه وترجيحاته وموافقته لمنهج الأئمة من قبله.

المصدر: موقع الشيخ أ.د. عاصم القريوتي
http://alqaryooti.com